إن فقر الدم هو اضطراب صحي شائع، قد تبدو أعراض حالاته المعتدلة كأنّها أعراض الإجهاد النفسي، إذ يشعر الفرد المعني بأنه مرهق، حتّى ولو كان قد نام وقتاً كافياً. كذلك فإنه يشعر بفقدان القدرة على التركيز أو على التفكير بوضوح. وقد تغدو بشرته شاحبة بسبب الافتقار إلى الدم الغني بالأوكسجين الذي يمنح البشرة الطبيعية عادة لونها الصحي. فضلاً عن ذلك فإنه قد يشعر بتوق إلى تناول أطعمة مثل الأيس كريم، وحتى أشياء مثل الصلصال والرمل (ولا يعلم الخبراء حتّى اليوم سبب هذه الرغبة في تناول أشياء لا علاقة لها بالطعام).
وتجدر الإشارة إلى أن حالة فقر الدم إن ظلت من دون تشخيص، قد تصبح في أعراضها مشابهة للنوبة القلبية، على مستوى تسارع التنفس، وعدم انتظام ضربات القلب، وآلام الصدر ناتجة عن الجهد الزائد الذي يبذله القلب الذي يعاني نقصاً في الأوكسجين. ويعلق الدكتور لويد فان وينكل، أستاذ الطب العيادي المساعد في المركز الصحي في جامعة تكساس، فيقول إن ذلك ليس مستغرباً، فالشخص المصاب بفقر الدم يكون متعباً أصلاً نتيجة نقص الأوكسجين في دمه، إضافة إلى كون جسمه يبذل مجهوداً إضافياً، مع نقص الدم، في محاولة لإيصال الأوكسجين إلى الخلايا، ما يؤدّي إلى مزيد من الإرهاق. والواقع أن نقص الأوكسجين يتسبب في الإجهاد لكل جزء من أجزاء الجسم، ويمكن أن يقود إلى ضعف أو قصور في القلب.
- كيفية المواجهة:عند ظهور أعراض فقر الدم، الناتج عن نقص الحديد، يجب إبلاغ الطبيب الذي يطلب عادة فحص دم شاملاً، يُظهر مستويات كريات الدم الحمراء والهيموغلوبين (البروتين الذي يحتوي على الحديد والذي يساعد الخلايا على التزود بالأوكسجين) والهيماتوكريت، الذي يحدد قدرة الدم على حمل ونقل الأوكسجين. وكلما انخفضت هذه المستويات، ازدادت إمكانية معاناة الفرد أعراض فقر الدم.
عصير مفيد لفقر الدم
عصير المشمش - لعلاج فقر الدم
احصلي على آخر مواضيع الصحة على بريدك وذلك بالاشتراك هنا
ويقول اختصاصي الدم وأمراضه، الدكتور بروس ديزوب، البروفيسور المساعد في كلية هارفرد للطب، إن أول خطوة يتوجب على الفرد المصاب بفقر الدم، أن يقوم بها، هي معرفة سبب إصابته. ففي معظم الأحيان تكون الإصابة ناتجة عن نزف غير طبيعي، خاصة لدى النساء اللواتي يعانين اضطرابات العادة الشهرية، بحيث تتواتر أكثر من معدلها الطبيعي، أو يكون النزف خلالها شديداً. وهناك حالات طبية أُخرى ينتج عنها فقر الدم، وهي على الرغم من كونها أكثر شيوعاً في صفوف النساء، إلّا أنها يمكن أن تصيب الرجال أيضاً. مثال على ذلك، فإن مرض كروهن، الذي يصيب الأمعاء يؤثر سلباً في قدرة الجسم على امتصاص العناصر المغذية، ومن بينها الحديد. كذلك فإن تناول بعض الأدوية، مثل تلك المستخدمة لمكافحة حموضة المعدة، قد يؤثر سلباً في امتصاص الحديد. ويمكن أن ينتج الافتقار إلى الحديد عن حالات مرضية أُخرى، مثل النزف الداخلي الذي يحدث في حالات الإصابة بالقرحة المعدية أو بالبواسير، أو حتى بنزف الأنف المتكرر. وقد يؤدي فقدان الدم أثناء الوضع أو نتيجة إصابة، أو على أثر الخضوع لعملية جراحية إلى الإصابة بحالة شديدة من فقر الدم.
- طرق العلاج:غالباً ما تتم معالجة حالات فقر الدم العادية بسهولة، عن طريق تناول أقراص الحديد، واتباع نظام غذائي غني بهذا المعدن. فالطبيب يصف أقراص الحديد التي تعيد مستويات هذا المعدن المنخفضة في الجسم إلى معدلها الطبيعي. وغالباً ما تظهر النتائج الإيجابية لتناول هذه الأقراص في غضون أسبوعين. ومن المهم المواظبة على تناول هذه الأقراص طوال المدة التي يصفها الطبيب، وهي حوالي 6 شهور في أغلب الأحيان، وذلك بهدف زيادة مخزون الجسم من الحديد. أما أبرز الآثار الجانبية لذلك، فتتمثل في بعض الأنزعاج على مستوى المعدة وفي الإمساك. ويكفي عادة تناول أطعمة غنية بالألياف، واحتساء كمية وافرة من الماء، وممارسة الرياضة للتخلص من ذلك. ولكن لابدّ من تأكيد ضرورة استشارة الطبيب، وعدم اللجوء إلى معالجة النفس عشوائياً، عن طريق تناول أي نوع من أقراص الحديد، فقد لا يكون النوع المناسب، وقد لا تكون الجرعة المناسبة. فعلى الرغم من أن أكثر الحالات شيوعاً تكون ناتجة عن نقص الحديد، حمض الفوليك، أو الفيتامين ب12، إلّا أن الخبراء يؤكدون أن هناك أكثر من 400 نوع من فقر الدم.
أما الأطعمة الغنية بالحديد، التي يتوجب ادخالها النظام الغذائي، فتتصدر لائحتها لحوم البقر والخراف والأجزاء الدكناء من لحوم الدواجن. فهي تحتوي على أكبر نسبة من الحديد التي يتم امتصاصها في الجسم بشكل أفضل من تلك المتوافرة في المصادر الأُخرى. والحديد موجود أيضاً بكمية جيدة في العديد من الأطعمة. والواقع أن البقوليات وأطعمة نباتية أُخرى تحتوي على نسبة من الحديد تفوق تلك الموجودة في معظم المنتجات المشتقة من الحيوانات. وأبرز المصادر النباتية للحديد، هي الخضار الورقية الخضراء، البقوليات، الفاكهة المجففة، المسكرات، الحبوب الكاملة، أصداف البحر والمنتجات المقواة بالحديد مثل رقائق الحبوب والأرز والمعكرونة. وينصح بعض اختصاصيي التغذية الأشخاص النباتيين بالطبخ في أوعية حديدية. وتقول الأميركية آشلي كوف، مؤسسة مركز الاستشارات الغذائية في كاليفورنيا، إن هذه النصيحة جيدة، لأن العديد من الأطعمة، خاصة تلك المحتوية على أحماض مثل الطماطم، تمتص نسبة ملحوظة من الحديد، عندما تطبخ في أوعية مصنوعة منه.
ومن المفيد في حالات فقر الدم الخفيف، تناول المزيد من فيتامين (ب)، الذي يستخدمه الجسم لإنتاج خلايا الدم الحمراء، ومن فيتامين (سي) الذي يساعد على امتصاص الحديد الموجود في الأطعمة.
- أطعمة العشرة الأغنى بالحديد:كمية الحديد اليومية التي ينصح بها الاختصاصيون للنساء، اللاتي تتراوح أعمارهن بين 19 و50 سنة، هي 18 ملغ. أمّا الحوامل فيحتجن إلى كمية أكبر هي 27 ملغ، أمّا النساء بعد سن اليأس والرجال فيحتاجون إلى كمية أقل وهي 8 ملغم.
وأهم المصادر الغذائية للحديد هي: البطلينوس المعلب (75غ), يحتوي على 23,8 ملغ من الحديد، المحار المطبوخ (75غ) يحتوي على 10,2 ملغ، فول الصويا المطبوخ (نصف كوب) يحتوي 4,4 بذور اليقطين المحمصة (25 غراماً) تحتوي على 4,2 ملغ، الفاصولياء البيضاء المعلبة (نصف كوب) يحتوي على 3,9 ملغ، العدس المطبوخ (نصف كوب) يحتوي على 3,3 ملغ، لحم البقر منزوع الدهون (75غ)، يحتوي على 2,8 ملغ، عصير الخوخ (ثلاثة أرباع كوب) يحتوي على 2,3 ملغ، صلصة الطاطم المهروسة (نصف كوب) يحتوي على 2,2 ملغ.
- تفادي الأطعمة الكابحة لامتصاص الحديد:هناك مواد موجودة في بعض الأطعمة، تؤثر سلباً في الكمية التي يمتصها الجسم من الحديد وفي قدرته على استخدامها، وأبرز هذه المواد الكابحة هي الفوسفات الموجودة في الحليب، وبياض البيض، والكالسيوم الموجود في الحليب ومشتقاته، والفيتاتس الموجودة في الأطعمة الغنية بالألياف الغذائية، والتانين والبوليفينولز الموجودة في القهوة والشاي. وهناك بعض الأطعمة الغنية بالحديد مثل السبانخ وفول الصويا، لكنها تحتوي أيضاً على المواد الكابحة لامتصاص الحديد في الجسم. وتعلق كوف قائلة: إن ذلك لا يعني الامتناع عن تناول هذه الأطعمة المفيدة، بل يُستحسن عدم تناولها في الوقت نفسه الذي نتناول فيه أطعمة غنية بالحديد. كذلك يجب الحرص على تناول السبانخ والصويا مع أطعمة غنية بالفيتامين (سي) الذي يساعد الجسم على امتصاص الحديد. أما الأشخاص الذين يتناولون أقراصاً مكملة من الكالسيوم والحديد، فيجب أن يتناولوا كل واحد منهما بشكل منفصل، وفي مواعيد متباعدة من بعضها خلال النهار.
- الطب الصيني التقليدي وفقر الدم:حسب مبادئ الطب الصيني القديم، ينتج فقر الدم عن تضاؤل في طاقة الحياة (تشي) في الدم. وهنا تبرز أهمية العلاج بوخز الإبر، فهذا العلاج لا ينظم الدورة الشهرية فحسب، بل يعزز الطاقة ويعيد الحيوية والحركة إلى الراكد، كما يؤكد اختصاصي العلاج بوخز الإبر وبالأعشاب الصينية، جريج روفولو، في أحد مراكز العلاجات الطبيعية في نيويورك. ويضيف قائلاً: إن الطب الصيني يعالج مشكلات فقر الدم بوخز الإبر والأعشاب والحمية الخاصة، وذلك في محاولة لتغذية الدم. وبشكل عام، كلما ازدادت حدة المشكلة، تطلبت وقتاً أطول لحلها. غير أن العديد من المرضى يستجيبون وتتحسن حالتهم بسرعة إذا حرصوا على تطبيق العلاج بشكل جاد. وينصح روفولو الأشخاص المصابين بحالات حادة من فقر الدم، بالبقاء تحت إشراف ومراقبة طبيبهم، إلى جانب متابعة العلاج الطبيعي الصيني.
- أنواع نقيع الأعشاب المفيدة:
ينصح روفولو بالاستعاضة عن القهوة والشاي، بتناول أنواع من نقيع الأعشاب الصحية الغنية بالعناصر المغذية التي تساعد على تعزيز عملية امتصاص الحديد في الجسم، وأبرزها: نقيع اليانسون، الكراويا، الكمون، النعناع، عشبة القمح، وعشبة الشعير والطحالب البحرية الصغيرة.
- ممارسة الرياضة:تشير الدراسات إلى أن مخزون الحديد في أجسام النساء، اللواتي يمارسن الكثير من الأنشطة الرياضية، خاصة رياضة الركض، يكون منخفضاً نسبياً. لذلك من الضروري أن نخضع هؤلاء النساء لفحص دم سنوي للتأكد من مستوى الحديد لديهن.
وكانت دراسة أجريت في جامعة بوردو الأميركية، قد أظهرت أنه حتّى الممارسة المعتدلة للرياضة قد تؤدي إلى فقر الدم لدى النساء، اللواتي تكون مستويات الحديد لديهن منخفضة أصلاً. هذا النوع من فقر الدم المرتبط بالرياضة، يعود غالباً إلى مزيج من انحلال كريات الدم الحمراء نتيجة قوة وضغط النشاط البدني، وافتقار النظام الغذائي إلى الحديد، إضافة إلى المواظبة على تناول الأسبرين ومسكنات الألم الأُخرى، التي يمكن أن تسبب نزيفاً في المعدة والأمعاء.[b]